• ٣٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٢١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الإيمان والصحّة النفسية

د. أكمل نجاح عبدالله

الإيمان والصحّة النفسية

عندما نتأمّل الشخص المضطرب نفسياً، الذي تمتلئ حياته بمشاعر الحزن والألم، والقلق والتوتر، والخوف والتوجس، والشك والارتياب والتردد، نستطيع أن نكشف النقاب عن كثير من المؤشرات التي تدل على البعد عن الله سبحانه وتعالى، والتي تدل كذلك على غياب عنصر الإيمان.

فالإيمان هو الأساس الذي تقوم عليه الحياة الهادئة، الخالية من كلّ أشكال الاضطراب التي تغمر القلب وتقهر النفس الإنسانية. والدليل على ذلك هو أنّ القلوب تهدأ وتطمئن عند ذكر الله تعالى، فبذكر الله تطمئن القلوب، وتنحسر الهموم، وتقل الآلام.

إذن فالإيمان هو الطريق المباشر لكلّ من أراد الحياة السعيدة الهانئة. فعندما تمتلئ قلوبنا بالإيمان يتغير إدراكنا، ويرتقي تفكيرنا وتسمو أرواحنا. وهذا الإيمان المتعمق والمتأصل في قلوبنا يقود جوارحنا إلى فعل الخير، ويحُول بيننا وبين كلّ شرّ.

فنحن نجد الإنسان الحزين المكتئب الغارق في همومه لا يرى سوى الجانب السيئ من الحياة، وتتوقف رؤيته عند هذا الحد، ويتمركز تفكيره وتتمحور انفعالاته حول الحزن وفقدان الأمل والخوف وعدم الرغبة في الحياة. لماذا كلّ هذا ؟ لأنّه لا يؤمن الإيمان الصادق اليقيني بالقضاء والقدر. فهو يقع أسيراً لما يعترض طريقه من إحباطات ومعوقات وقد يُقبل على الانتحار؛ لأنّه يشعر في قرارة نفسه أنّ الحياة ظالمة له، وأنّها لا تستحق أن تُعاش، لأنّها مصدر معاناته وآلامه.. ماذا يحدث لو امتلأ قلب هذا المكتئب بالإيمان؟ وهذا مثال آخر لتأثير نقص الإيمان على الحياة النفسية. الشخص الحقود الحسود، هو كذلك لأنّه مريض بنقص الإيمان في قلبه. وهناك أمثلة كثيرة في الواقع المُعاش تعكس مدى تدهور نوعية حياة الإنسان الغارق في المعاصي نتيجة غياب الإيمان .

إنّ الإنسان يضطرب ويختل توازنه واستقراره النفسي عندما يبتعد عن طريق الإيمان. والإيمان الذي نبتغيه هو الذي يعكس التدين الراسخ في الذهن والنفس، والذي يُذهب كلّ ما بداخل نفوسنا من شرّ وحقد وغيرة وحسد وخوف وحزن وقلق بشأن المستقبل، ويُكسبها كلّ الصفات الإيمانية كالرضا والقناعة والصبر والتسليم بإرادة الله والتقوى والإحسان، وهذه الصفات ما هي إلّا رد فعل للإيمان الحقيقي. وعلى الإنسان أن يُدرك أنّ حياته تتراوح ما بين سعادة وشقاء، استقرار واضطراب، فرح وحزن. وهذا يعني أنّ الإنسان سيُقابل في مرحلة من مراحل حياته بعض أشكال المعاناة والضغوط التي تتسبب في إحداث الخلل وعدم الاستقرار. ولكن مع الإيمان تقوى قدرة الإنسان على مجابهة متاعب الحياة. فكن مؤمناً تكن صحيحاً نفسياً وسلوكياً وأُسرياً واجتماعياً، فالإيمان تنعكس آثاره الإيجابية على كلّ ميادين الحياة .

ارسال التعليق

Top